وسط صمت رسمي.. تصاعد العنف الممنهج والإقصاء ضد النساء في إيران

وسط صمت رسمي.. تصاعد العنف الممنهج والإقصاء ضد النساء في إيران
نساء إيرانيات- أرشيف

شكّلت أوضاع النساء في إيران خلال السنوات الأخيرة واحدة من أخطر الأزمات الحقوقية في المنطقة، مع تصاعد مظاهر العنف والتهميش والإقصاء القانوني والاجتماعي، في ظل منظومة تشريعية ومؤسساتية تُكرّس التمييز وتُشرعن القمع، وتُضيّق على أي صوت نسوي أو حقوقي يسعى لتغيير هذا الواقع.

ورصدت منظمة Kurdpa لحقوق الإنسان، في بيان لها، اليوم الاثنين، واقعًا قاتمًا تعيشه النساء في إيران ومدن شرق كردستان، في تقرير صدر ضمن حملة "16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة"، حيث أشار إلى أن إيران تحتل المرتبة الـ143 من أصل 146 دولة في مؤشرات المساواة بين الجنسين، وهو ترتيب يعكس حجم التمييز البنيوي الممارس ضد المرأة على مختلف المستويات.

وكشفت البيانات الواردة في التقرير أن التهميش لم يعد مقتصرًا على حوادث متفرقة أو ممارسات فردية، بل أصبح سياسة عامة تشترك فيها القوانين والأنظمة والقرارات الإدارية، ما حوّل حياة النساء إلى دائرة مغلقة من التمييز والعنف والحرمان من أبسط الحقوق المكفولة في المواثيق الدولية والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان.

إقصاء من العمل والسياسة 

بيّنت الأرقام الواردة في التقرير أن نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة لم تتجاوز 13%، وهي من أدنى النسب عالميًا، رغم ارتفاع عدد الخريجات الجامعيات، حيث شكّلت النساء نحو 70% من إجمالي العاطلين عن العمل من حملة الشهادات العليا، ما يعكس فجوة صارخة بين التعليم والفرص الفعلية.

وأظهرت المعطيات أن نسبة تمثيل المرأة داخل البرلمان الإيراني تقل عن 5%، في حين تغيب تمامًا عن المناصب العليا، سواء في الوزارات أو في رئاسة الحكومة أو مراكز صنع القرار، وهو ما يحرمها حتى من حق المشاركة في صياغة القوانين التي تمس حياتها اليومية ومستقبلها وحقوقها الأساسية.

وأكدت منظمات حقوقية أن هذا الاستبعاد المنهجي لا يمكن فصله عن رؤية سياسية تقليدية ترى في المرأة كائنًا تابعًا، وتتعامل مع حضورها في المجال العام بوصفه تهديدًا للنظام الاجتماعي القائم، بدل اعتباره ركيزة للتنمية والعدالة.

نساء تحت النار

كشف التقرير أن امرأةً تُقتل كل ثلاثة أيام في إيران بذريعة ما يُسمّى «الشرف»، وهي جرائم غالبًا ما تُرتكب داخل الأسرة دون محاسبة حقيقية، في ظل قوانين ضعيفة وعقوبات مخففة تبرر العنف وتحمي الجناة بدل الضحايا.

وسلّط الضوء على وضع الناشطات الكرديات بشكل خاص، حيث تعرض عدد كبير منهن للاعتقال التعسفي بتهم تتعلق بـ"الأمن القومي"، وحُكم عليهن بعقوبات قاسية وصلت إلى السجن لسنوات طويلة، كما وثّق تعرض بعضهن للتعذيب الجسدي والنفسي داخل مراكز الاحتجاز.

وأوضح التقرير أن النساء الكرديات يُستهدفن على أساس مزدوج؛ بسبب كونهن نساء، وبسبب انتمائهن العرقي والسياسي، ما يجعلهن من أكثر الفئات تضررًا في منظومة قمع شديدة القسوة لا تسمح بالاختلاف ولا تعترف بالحقوق الثقافية والاجتماعية للأقليات.

واقع مظلم وحقوق معلّقة

أشارت المنظمة إلى أن النساء في إيران يعانين أيضًا من الحرمان من خدمات الصحة والحماية الاجتماعية، في ظل غياب برامج دعم مخصصة للفئات الأكثر هشاشة، بما في ذلك الأمهات، والنساء المعيلات، وذوات الإعاقة، وسجينات الرأي.

ونبهت إلى أن استمرار هذا الوضع يهدد النسيج الاجتماعي برمّته، ويغذّي مشاعر الغضب واليأس والانكسار، خاصة في ظل غياب آليات محاسبة مستقلة، وقيود صارمة على عمل المنظمات النسوية والإعلام المستقل.

وطالبت المنظمة المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والنسوية بعدم الاكتفاء ببيانات الإدانة، بل بالضغط الحقيقي على السلطات الإيرانية للالتزام بواجباتها القانونية والإنسانية، وضمان حماية النساء، وإلغاء القوانين التمييزية، وإطلاق سراح جميع المعتقلات بسبب نشاطهن السلمي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية